نقاط عشر حول خطاب الدم الامريكي المضاد 

نقاط عشر حول خطاب الدم الامريكي المضاد 

  • نقاط عشر حول خطاب الدم الامريكي المضاد 

اخرى قبل 6 شهر

نقاط عشر حول خطاب الدم الامريكي المضاد  

بكر أبوبكر

 

1-من الواضح أن الاتهام الأمريكي للأطر الفلسطينية عامة بالتقصير في قضاياهم، ما أوصل الأمور الى الانحدار الحاصل، وآخرها الاتهام بتقصيرهم في التعامل مع المباغتة والعدوان الصهيوأمريكي على غزة، يشكل كلامًا نافرًا ومحرضّا ومتفلتًا من المسؤولية، وهو ما نقرأه من بعض المحللين الامريكيين ومراكز دراساتهم، ويأتي بقصد إبعاد أي مسؤولية عن الاحتلال أسّ المشكلة من جهة ، وبقصد إحداث الشرخ والفتنة الفلسطينية الداخلية فيما بين القيادة السياسية وبين التنظيمات السياسية. وبين مكونات السلطة الوطنية والشعب، وهو اتهام بعيد عن الحقيقة حيث التحركات السياسية الفلسطينية لم تجد بابًا الا وطرقته (بغض النظر عن الحجم المرغوب ما بين رأي الجمهور والضغوط الامريكية بالاتجاه المعاكس)، وكذلك الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية، وما هذا الكلام التحريضي برأينا الا ضمن الحرب النفسية الصهيو-أمريكية ضد كل مكوّن فلسطيني مهما كان، حيث يتم تشويه "حما.س" باتهامها أنها "داعش" أونازية لسحقها، ومن ثم الانتقال لكافة الفصائل بما فيها حركة التحرير الوطني الفلسطيني-"فتح"، والجبهة الشعبية...، وبالتالي قمع وسحق كل الفكر الثوري، الفكر والمسار النضالي. وأيضًا بقصد استمرار إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية (ودون أي إشارة أصلًا في الخطاب الأمريكي للدولة الفلسطينية كحل) وبقصد التشويه عامة أمام الجمهور، ولغرض سياسي أكبر هو إفقاد أي مؤسسة قدرتها على تمثيل الفلسطينيين، مقدمة لإطالة المسألة الفلسطينية في دهاليز التشكيكات في قيمة الاعتراف بدولة فلسطين القائمة بالحق الطبيعي والقانوني والسياسي لكنها تحت الاحتلال.

 

2-  إن هدف التحلل الأمريكي البطيء من دعم السلطة الوطنية الفلسطينية وتشويهها وكثرة الطلبات على ظهرها هو بغرض تطويل مدة بقائها ولكن بإطار إخضاعها للمطالب وليس شطبها (طبعًا المطلب الصهيو-أمريكي هو الأمني فقط). وهذا يعتبر ضروريا للصهيوني والامريكي كيلا يتم الانتقال مطلقًا للنظر في المرحلة التالية أي الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف ومنها بدولة فلسطين القائمة تحت الاحتلال. إن الامريكان والغرب عامة يتعامون عن الاعتراف بالحق الفلسطيني وبدولة فلسطين أو النظر لأس القضية. فأمن "إسرائيل" من خلال تلبية الحاجات الأمنية لها على ظهر أي جهاز/مكوّن/فصيل فلسطيني هو فقط المطلب لا غير. وعليه تتفق الفكرة الامريكية المتمثلة ب "إعادة تأهيل السلطة" المتداولة أمريكيًا حاليًا مع فكرة "الإدارة المؤقتة" المطروحة لغزة بعد حماس! كما يخططون (والمؤقت أو الانتقالي يصبح دائم).

 

3-  يتم تشويه "حما..س" وافتراض أن مطالبته بفلسطين ضمن الرواية الفلسطينية وكأنها تدمير أو إرهاب أو تطرف! وعليه يتم تشويه فكرة المقاومة والثورة الفلسطينية والكفاح والنضال بكافة أشكاله، فيما الحقيقة أن كل فلسطيني في كل الفصائل بما فيها الشعبية والعربية والجها.د و.فتح، وكل فلسطيني على وجه الأرض ييتبنون ذات الرواية أي أن كل مساحة أرض فلسطين هي للفلسطينيين عبر التاريخ وتظل هي الوطن حتى اليوم. فلا خلاف  بالرواية هنا لذلك كانت مطالبات الدولة الديمقراطية في كل أرض فلسطين. وإنما الخلاف في الرؤية السياسية بدولة على المتاح من أرض فلسطين، وهذا ما تم التعبير عنه بالأهداف الفلسطينية السياسية بالدولة الفلسطينية. وهو ما وافقت عليه حتى حما..س مؤخرًا بالدوحة عام 2017 ثم في لقاء الفصائل عامة مع الرئيس عام 2020 ومازالت الدعائية (البروباغندا) الصهيو-أمريكية تأخذ "..حما.س." باتجاه أنها ضد حل الدولة الفلسطينية بحدود عام 1967 رغم أنها أعلنت علنًا قبولها بهذا الحل ما قبله الفلسطينيون.

4 - فكرة الاتهام الأمريكي المتكرر للسلطة الوطنية الفلسطينية بأنها فاسدة أو غير ديمقراطية أولا تلبي احتياجات "إسرائيل"، او أنها استبدادية (وبغض النظر عن حق الفلسطينيين بالمعارضة ومقاومة فسادهم وهذا شأنهم) هي ذات الفكرة (العصا أو المطرقة) التي تنسحب على اتهام جميع الأنظمة التي لا تلبي متطلبات المصالح الامريكية وأيضًا المصالح الإسرائيلية -وهما في فلسطين تتعانقان لهدف واحد هو الحفاظ على أمن "إسرائيل" لاغير- وهي بذلك تضخّم ما تشاء وتهوّن من أمر ما تشاء بنظرة مزدوجة وتضليل فاقع، وللتأمل في مدى النفاق السياسي الأمريكي يمكننا النظر في الدعم الامريكي لعشرات الدول الاستبدادية والفاسدة في المعمورة لمجرد أنها تلبي المصالح الامريكية بالهيمنة والاستبداد بالعالم. 

5  من المعروف أن الديمقراطية تقبل المعارضة وهو الأمر القائم بكل الديمقراطيات فأن يوجد في فلسطين من يتهم سلطته/حكومته بالفساد، كما هو الحال في داخل "إسرائيل" لا يعني التخلص من النظام (السلطة عامة كمقدمة للدولة) والا لكان اتهام السلطة/الحكومة الإسرائيلية بذلك يعني إسقاط دولة "إسرائيل" ذاتها. إن فساد الطبقة الحاكمة إن وجد في أي مكان لا يعني تدمير البلد او الدولة أو القضاء عليها. وبشكل آخر لا يعني فساد أشخاص أو أجهزة في السلطة الفلسطينية (نؤكد فكرة السلطة/الدولة المقصود) بغض النظر عن حجمه-وهناك مقياس لفساد الدول كلها-لا يعني أنه يؤخذ كحجّة لعدم الاعتراف بدولة فلسطين. والا لكانت "دولة إسرائيل" قد سقطت بفساد مسؤوليها من زمن طويل. إن الحجة الامريكية بفساد السلطة هكذا كما يطرحونها بالعموم هو لتجنب النظر في الانتقال الذي لا غنى عنه مطلقًا للدولة الفلسطينية. والفلسطينيون هم من عليهم واجب تقويم أو إصلاح أي حكومة فلسطينية ضمن الدولة الفلسطينية (السلطة انتهى وقتها والدولة جاء وقتها) وليس قيم وأخلاق ومباديء أمريكا و"إسرائيل" المرتبطة فقط بمصالحهما. 

6- إن النقد الشديد الذي يصل أحيانًا الى الاتهامات المتبادلة بين حركة "فتح" و".حما..س" بالفساد أوبارتكاب الاخطاء أوالخطايا في مساحات مختلفة ضمن الحوار الديمقراطي الصاخب وأحيانًا المشين-والذي يخرج أحيانًا عن أدب الحوار-يجب أن يُفهم من حيث المبدأ أي حق القبول أو الرفض والمعارضة الديمقراطية، ويرفض من حيث الاسلوب، ويجب أن يتم قبوله مع تواصل دعواتنا بتشذيب لغة الحوار ضمن بوتقة الجسد الفلسطيني لا خارجه، وبمعنى أن يفهم في الإطار الوطني ويفهم في إطار السلطة (ثم الدولة). القصد هنا أنه لا معنى لاتخاذ اتهام حماس أو السلطة بالفساد (يتم الإشارة حسب تقرير لمعهد واشنطن في خضم العدوان الصهيوأمريكي ضد فلسطين بشهر 10/2023م أن 72% يتهمون حماس بالفساد، و87% يتهمون السلطة بالفساد)، لإطلاق اليد الصهيو-أمريكية بتدمير الطرفين كما هو الحال اليوم بالحرب الساحقة على غزة والحرب الزاحفة التي لا تتوقف في الضفة.

7- من الخطير جدًا هذه الأيام أن تكون الدعوات الامريكية بعودة السلطة الفلسطينية الى غزة (بعد فترة انتقالية تأهيلية لها!؟ وبعد فترة انتقالية عربية تحكم غزة) وكأنها مكسب لها؟! وذلك بالطبع بعد تدمير القطاع وسحق "..حما.س" كما يخططون ويأملون، وحيث يتم التنظير الامريكي والصهيوني للأمر بحذر شديد. لكنه رغم الدعوة النظرية هذه يُطرح واقعيًا حجة    ضعف السلطة الفلسطينية عن القدرة في استلام قطاع غزة للتشويق للعقل السلطوي عامة! ولتاجيل تسليمها "الهدية الملطخة بالدم" دون الإشارة للدم أصلًا! إنهم يريدون جهة فلسطينية خانعة مطواعة تخون شعبها لاستلام القطاع. ولايريدون الربط بين الضفة وغزة مطلقًا بالحقيقة لأن به تقوم الدولة رغمًا عن أنوفهم، لذلك تطرح الدوائر الصهيو-أمريكية فكرة السلطة بحذر شديد، ضمن التأجيل أو رفض النظر للعنوان الأصل وهو إزالة العدوان وانهاء الاحتلال وحق تقرير المصير واستقلال دولة فلسطين. إن موضوع "الجائزة" التي كانت السلطة ستستلمها بعد تدميرالاخوة في غزة منظور قاصر فقط على المصالح الأمنية الامريكية-الإسرائيلية. 

8-  منذ فترة بدأ الاعلام الغربي ينظّر لمصطلح "شعب غزة" وليس الشعب الفلسطيني في غزة بتمهيد واضح لإقامة إدارة منفصلة في القطاع لا صلة لها بالضفة. وهو بالحقيقة الهدف الإسرائيلي الأسمى، فلا شعب واحد ولا دولة. كما يتم الإشارة أن ضعف أو فساد السلطة هو العائق لتسلم "الجائزة الدموية" أو لاستمرار دعمها عربيًا أو دوليًا في عملية مماطلة واضحة تقصد تيئيس الشعب الفلسطيني وسد المنافذ وأبواب الأمل أمامه، وبالطبع لا يتم الإشارة مطلقا للدولة الفلسطينية أو لأولوية حل القضية الفلسطينية، إلا من باب البلاهة التي يبدو بها الرئيس الامريكي حين يذكرها وهو يمخط أنفه!

9-  تنمو عالميًا فكرة "تحسين حياة الفلسطينيين" حتى تسمعها من أفواه العرب الممتنعين أصلأًا عن دعم فلسطين وكأن الشعب الفلسطيني يريد خبزًا فقط! لا حرية أو يريد ماء لا عدالة، او يريد خنوعًا لطيفًا، لا حق تقرير المصير ودولة مستقلة وذلك في تساوق مع المصطلحات الصهيو-أمريكية السائدة والتي كثرت مؤخرًا ومنها "إدانة قتل المدنيين من الجانبين" ليقصد به فقط أصحاب الدم الأزرق دون الفلسطينيين الذين يتم التوسع في قتلهم ضمن الموافقة الغربية الصليبية التي حجت دولها الى "إسرائيل" معلنة حلف الدم ضد فلسطين. 

10-إن موضوع وفكرة "النضال" الفلسطيني و"القضية" الفلسطينية و"الثورة" وتاريخية "الرواية الفلسطينية" بل و"فلسطين" ذاتها، و"اللاجئين والجهاد والأقصى" و"الأمة" و"الحضارة العربية الإسلامية" وغير هذه المصطلحات العشرة الكثير من المصطلحات المتعلقة بفلسطين، يتم شطبها رويدًا رويدًا من العقل العربي-حتى المثقف المتساوق- والعالمي واستبدالها لمصلحة مباديء وقيم وأخلاق بعيدة كل البعد عن حضارتنا الجامعة، وبعيدة كل البعد عن سياق مجتمعنا فيتم القصف الصهيو-أمريكي على كافة الجبهات وليس لنا الا مقابلة ذلك باليقين والإيمان الذي لايتزعزع بالنصر من جهة، ومن جهة أخرى بالعمل الدؤوب وبالحجة والحق الدامغ.

 

والله أكبر والنصر للمؤمنين.

 

بكر أبوبكر

رئيس اكاديمية فتح الفكرية

عضو المجلس الاستشاري للحركة

25/10/2023م

التعليقات على خبر: نقاط عشر حول خطاب الدم الامريكي المضاد 

حمل التطبيق الأن